كيف تبني Coinsence بيئة تقوم على سلاسل البلوكات لصنّاع التغيير

لم تكد الثورة التونسية تضع أوزارها حتى أدرك مؤسسو "كوين سنس" Coinsence أن الثورات الدموية ليست بالضرورة هي المطلوبة لإحداث تغيير في السلطة. فمن أجل إحداث ثورة في التعليم والصحة والوضع الاقتصادي القائم، ثمة حاجة للتفكير بشكل ثوري و"تطوير بيئة حاضنة بديلة تحدث تحوّلاً فكرياً"، وفقاً لخولة الباهي مديرة الابتكار في "كوين سنس". ويضيف المؤسس الشريك كريم الشبراك "كيف يمكننا تمكين المجتمع المدني ليصبح قادراً على مواجهة التحديات التي لا يمكن للحكومة والشركات الكبرى حلّها".

بعبارات بسيطة "كوين سنس" هي منصة تتيح التعاون وخلق القيمة المشتركة داخل المجتمع. ومن خلال التركيز على تمكين الشباب، تتيح المنصة للأفراد العمل على مشاريع اجتماعية تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. والتكنولوجيا التي تستخدمها تعتمد على سلسلة البلوكات وتتيح بشكل شفاف للمستخدمين استعمال عملتهم الخاصة.

اختيرت "كوين سنس" مؤخراً واحدة من بين ست شركات في اقتصادات نامية وناشئة ستحصل على الاستثمار من صندوق الابتكار التابع لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" لحل تحديات عالمية باستخدام سلسلة البلوكات. سوف يستثمر الصندوق حتى 100 ألف دولار في الشركات الخمسة الأخرى وهي: "اتيكس لابس" Atix Labs "وان سمارت بريسكريبتو" Onesmart,Prescryptoو"ستاتويغ" Statwig و"وي3 إنجنيرز" W3 Engineers من أجل تسليم نماذج أولية مفتوحة المصدر لتطبيقات تعتمد على سلسلة البلوكات خلال 12 شهراً. وقد اجتمعنا بكريم الشبراك وخولة الباهي لنعرف أكثر عن خططهما لإحداث ثورة في الريادة الاجتماعية.

تعالج المنصة مشكلة عدم كفاية التمويل للمشاريع الاجتماعية. لذلك طوّر المؤسسان بيئة حاضنة حيث يمكن لشرائح معيّنة خلق عملتها الرقمية الخاصة وتحديد قيمة لها وللمستخدمين تحويل عملاتهم إلى مشاريع تعجبهم وتهمّهم. COIN وهو اختصار (contribution indicator) أي مؤشر المساهمة يُقدّم مقابل خدمة/منتج من الشريك المساهم. يمكن أن يكون ببساطة أيضاً مقابل الامتنان.

البناء على سلسلة البلوكات

سوف تستخدم المنصة أساساً شبكة "إيثيريوم" Ethereum بشكل خاص أو علني اعتماداً على قرار المؤسسين. ويشرح كريم الشبراك أننا "نريد بناء بيئة حاضنة يملكها المستخدم وليس نحن، لذلك سوف نستخدم سلسلة البلوكات". فالأخيرة سوف تساعد في ضمان ألا يكون هناك احتكار لإصدار العملات أو تنظيمها. وسوف يضمن استخدام سلسلة البلوكات نزاهة المنصة وشفافيتها، وحماية هوية المستخدم والمجموعة ويسمح بالانفتاح على الابتكار.

ولكن ثمة عقبة تنظيمية تتمثل في مخاوف السلطات من استخدام كلمة "عملة" لأن صلاحية إصدار العملات منوطة بالمصرف المركزي التونسي وحده. لذلك لجأ الفريق إلى تسمية COIN كـ"مؤشر مساهمة".

ويوافق المؤسسان على أن المنظّمين الذين يدركون التأثير الاجتماعي الإيجابي لتمكين الناس والجماعات سوف يقبلون في نهاية المطاف الحل بينما فريق "كوين سنس" سوف يلتزم دائماً بالتنظيمات حين تكون منطقية.

تستفيد مجموعات وشرائح مختلفة من تأثير المنصة وفريق "كوين سنس" يعمل بنشاط مع مجموعات تركيز إقليمية تعمل على عملة رقمية في منطقة الشرق الأوسط. وتشرح الباهي أننا "معاً، نحاول أن نفهم مدى توافقنا مع الأنظمة التنظيمية الإقليمية القائمة وكيف يمكننا تغييرها. حتى أن المصرف المركزي التونسي شكّل فريق عمل للتعامل مع التكنولوجيا الرقمية والعملة الرقمية داخل النظام المالي في تونس".

حين سألناه عن كيف تعيق التعقيدات التنظيمية قدرة المنصة على أن تكون قابلة للتوسع، يلفت الشبراك إلى أنها شبكة لامركزية، فحتى إذا قررت السلطات المحلية حظر المستخدمين من الدخول إلى المنصة، فلن يكونوا قادرين على إغلاق النظام نفسه. ففي نهاية المطاف، سيجد المستخدمون دائماً طريقهم إلى النظام الأساسي باستخدام شبكات خاصة افتراضية VPN وتطبيقات أخرى مماثلة. وتتطلع "كوين سنس" إلى تقييم المخاطر المحتملة للحلول اللامركزية مع المنظمين والخروج بحلول أخرى يمكن أن تساعد في ضمان حوكمة ديمقراطية لمصلحة الرفاهية الاجتماعية.

الصورة من أرشيف Coinsence


توقعات للمستقبل

تقدم "كوين سنس" خدمات إضافية مثل إدارة الجماعات وتصميم الـCOIN (مؤشر المساهمة) إضافة إلى مشورة قانونية. ويشرح الشبراك أنه "إن كنت تنتقل من عالم تقليدي إلى عالم رقمي، تحتاج إلى نوع مختلف من الخبرة الداعمة وهنا تكمن أهميتنا". فالمنصة قابلة للتكيّف مع مختلف الشركاء وحاجاتهم. وهم سيكونون قادرين على العمل بشكل وثيق مع منظمات غير ربحية وجمعيات شعبية لبناء وجود على الإنترنت لمجموعات دعم وجمع التمويل لمشاريعهم بشكل نشيط.

بعد النجاح في تأمين قبولهم في صندوق الابتكار التابع لليونيسيف، يريد الفريق التركيز على تأمين تمويل إضافي لتطوير منتجهم التجريبي في تونس وبناء شبكة قوية. والمزيد من الناس بدأوا فعلاً بالتجاوب مع المفهوم الذي يطرحونه. وتقول الباهي إن "كبار صنّاع القرار في الحكومة والنظام المالي يدعمون هذه المبادرة". ومن خلال "كوين سنس" يأمل الفريق في أن يساهم في بناء بنية تحتية ديمقراطية للمنطقة العربية وإفريقيا حيث الناس يقودون القرارات ويتحكّمون بالأموال ويراقبون التأثير لا سيما في البلدان التي ينخرها الفساد.


تود ان تكتب مقالة رأي لمدونة "براكيت"؟ اضغط على الرابط هنا لتعرف المزيد.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط "كوكيز" لتزويدك بتجربة أفضل وتحليل حركة مرور الموقع. باستخدام موقعنا، أنت تقبل استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.