احتفل منتدى MIT لريادة الأعمال في العالم العربي في نيسان/أبريل من هذا العام بإعلان الفائزين في الدورة الـ11 لمسابقته الرئيسية "مسابقة الشركات الناشئة العربية". وشهدت مسقط عاصمة سلطة عمان الحدث الذي جرى يومي 18 و19 نيسان.
واستضفنا ديفيد فرنانديز، مدير تحليل الأعمال في مسرّعة "ستارتب تشيلي" Startup Chile ليكون أحد أعضاء لجنة التحكيم والمشاركة في جلسة نقاش حول "بناء البيئات الحاضنة الناشئة لريادة الأعمال".
"ستارتب تشيلي" هي مسرعة أعمال أطلقتها الحكومة في تشيلي عام 2016 لتحريك عجلة ريادة الأعمال في البلاد. وما لبثت أن تحوّلت المسرعة في وقت قصير إلى واحدة من مسرّعات الأعمال الرائدة في أميركا اللاتينية وعلى المستوى العالمي حيث شكّلت مثالاً يحتذى به للأسواق الناشئة في بناء البيئات الحاضنة للريادة من الصفر.
وأجرينا حديثاً مع فرنانديز ناقشنا خلاله التحديات الرئيسية التي تواجهها "ستارتب تشيلي" وكيفية تجاوزها وفي الوقت نفسه رسم قصة نجاح مماثلة في منطقتنا.
بناء بيئات ناشئة لريادة الأعمال ومواجهة التحديات
سؤال: هل يمكنك إطلاعنا على المزيد عن "ستارتب تشيلي" وما الذي جعلها تمثل قصة نجاح في مجال بناء البيئات الناشئة لريادة الأعمال؟
جواب: "ستارتب تشيلي" هو برنامج تسريع أعمال أسسته الحكومة لدعم البيئة الحاضنة للابتكار محلياً في تشيلي. عملنا على ذلك لثماني سنوات تقريباً والنتائج كانت جيدة حيث جذبنا رواد أعمال من جميع أنحاء العالم للقدوم إلى تشيلي وتطوير أفكار جديدة وشركات ناشئة. وهم اليوم يساعدون في تعزيز اقتصاد الابتكار في تشيلي.
سؤال: ما هي التحديات الرئيسية التي واجهتكم أثناء بناء البيئة الحاضنة لريادة الأعمال في تشيلي؟
جواب: التحدي الرئيسي الأول هو أنّ جميع الاقتصادات عادة ما يكون لديها "نماذج" يحتذى بها. ففي عام 2010، احتجنا إلى نماذج جيدة لدفع رواد الأعمال للاستثمار وبدء مشاريع جديدة. وفي البداية لم يكن لدينا قصص نجاح لذلك كان علينا أن نخلق عدداً منها. هذا كان التحدي الرئيسي. فإذا قارنّا جميع الاقتصادات، مثلاً وادي السلكون وتشيلي، نرى أنّ الأول يبني مشاريع غير موجودة في تشيلي. إذاً التحدّي الرئيسي هو كيف نبدأ ببناء قصص نجاح محلية وربما عالمية وكيف نجعل رواد الأعمال الموجودين في تشيلي يبدأون مشاريعهم الخاصة كي يتمكن التشيليون والأميركيون اللاتينيون من التصديق بأنهم أيضاً قادرون على القيام بالمثل؟
سؤال: كيف تجاوزتم ذلك؟
جواب: الفكرة الأولى كانت جذب رواد أعمال عالميين للقدوم إلى تشيلي وليس فقط أجانب بل أيضاً رواد أعمال تشيليين يعيشون خارج البلاد ونحن نقوم بتمويل مشاريعهم. في البداية كان المبلغ 30 ألف دولار أميركي لستة أشهر. ومع نموّ البرنامج، جذبنا رواد أعمال على دفعتين سنوياً. واليوم استكملنا حوالي 19 دفعة وشاركت حوالي 1400 شركة ناشئة في برنامج التسريع.
سؤال: هل من تحدّيات أخرى مهمة؟
جواب: لا نستطيع أن نقوم بذلك بمفردنا. نحتاج إلى إشراك البيئة الحاضنة بأكملها، من جامعات ومصارف ومستثمرين وصناديق تمويل. فالتحدي الرئيسي الآخر هو إشراك الجميع في هذه الحركة. فغياب مختلف أصحاب المصلحة هو التحدي وإشراك اللاعبين الرئيسيين الآخرين في العملية.
سؤال: ما هي التحديات الرئيسية المرتبطة بالبنية التحتية للسوق في الاقتصادات الناشئة مثل اقتصاد تشيلي؟
جواب: احتجنا إلى رفد مساحات عمل مشتركة باتصال جيّد بالإنترنت وإلى مسرّعات وحاضنات أعمال تملكها الجامعات. احتجنا إلى ملء هذه الفجوات أثناء العمل على مسرّعتنا "ستارتب تشيلي". وفي ما يخص الجانب الاقتصادي الاجتماعي، تشيلي بلد مستقر جداً وآمن، وكان ذلك عنصراً رئيسياً في جذب المواهب العالمية.
سؤال: من هم أصحاب المصلحة الرئيسيون الذين يجب أن يشكّلوا بيئة قوية لريادة الأعمال؟
جواب: نحتاج إلى دعم الحكومة، نحتاج إلى بيئة حاضنة كاملة، نحتاج إلى مستثمرين ونحتاج إلى مال. فالمال يمكن أن يأتي من صناديق خاصة ومن الحكومة أو من صناديق الشركات. ولكن نحتاج أيضاً من وجهة نظري إلى الجامعات والمواهب التي
تغذّيها. في تشيلي، لدينا جامعات جيدة ولدينا شراكات مع شركات عالمية تأتي إلى تشيلي لتقديم الدعم.
دور الحكومة والشراكات
سؤال: ما نوع السياسات أو الإجراءات التي يمكن للحكومة تنفيذها لدعم تسهيل نمو البيئة الحاضنة وتطويرها؟
جواب: تأسست "ستارتب تشيلي" كاختبار من قبل الحكومة لتطوير البيئة الحاضنة للابتكار. لذلك ثمة سياسة متكاملة يجب أن توضع وتنفّذ. فمثلاً، نحتاج إلى إنشاء مؤسسات جديدة في ظل إجراءات مطوّلة وبيروقراطية لذلك علينا أن نسهّل ذلك. نحتاج أيضاً إلى جذب مستثمرين أجانب إلى تشيلي وتسهيل ذلك عبر سياسات جديدة لمنح تأشيرات دخول. هل من الكافي أن يكون لدينا خط واحد من التمويل لمساعدة الشركات الناشئة؟ نحتاج لدعم الحكومة الكامل، نحتاج إلى جذب مواهب جديدة إلى تشيلي لذلك نحتاج إلى تسهيل الحصول على تأشيرة دخول وتسريع العملية. واليوم من الممكن تأسيس شركة من دون أية رسوم في يوم واحد. ولم يحصل ذلك بفضل جهود "ستارتب تشيلي" بمفردها بل لأن البيئة الحاضنة بأكملها تسلك الاتجاه نفسه وتشارك في
تحسين العملية.
سؤال: كيف تستفيد من شبكة الشركاء لدعم الشركات الناشئة على مستويات مختلفة؟
جواب: لدينا بالفعل علاقات جيدة مع الجامعات لأننا نحتاج إلى دعمها. فهي التي تولّد المواهب الجديدة. ونحتاج إليها أيضاً للتركيز على عدم دفع الطلاب إلى أن يكونوا موظفين بل أيضاً رواد أعمال. ومن خلال حاضنات الأعمال فيها، تساعد الجامعات الطلاب على بناء أفكار جديدة واختبار كيف يمكن أن يكونوا جزءاً من شركة ناشئة حقيقية. ولكن ما الذي يحصل بعد "ستارتب تشيلي"؟ نحن بحاجة إلى شركاء لدعم الشركات الناشئة وهنا يأتي دور رأس المال المغامر والمستثمرين الأفراد وبعض المسرّعات الأخرى. وتبعاً للتحدّي الذي تواجهه الشركة الناشئة، نوجهها إلى الشراكة المناسبة. فمثلاً، إذا احتاجت إلى عملاء جدد، نصلها بشبكتنا من الشركات التي سوف تساعدها على البيع لعملائها والتوصل إلى صفقاتها الأولى.
سؤال: ما هو النموذج الذي تتبعه "ستارتب تشيلي" حين يتعلق الأمر بالبناء على شراكات مع شركات لدعم الابتكار؟
جواب: كان لدينا أمثلة جيدة على شركات ناشئة تنمو بسرعة حقيقية وتنافس مع الشركات لذلك أدركت هذه الأخيرة أنّها تحتاج إلى تطبيق الابتكار في عملياتها. فقد كانت الطريقة التقليدية تقوم على توظيف فريق للابتكار وجعله يعمل على عمليات وخاصّيات جديدة وتقديم القيمة ذاتها. ولكن بدلاً من توظيف فريق للابتكار، أصبحت تقيم شراكات مع شركات ناشئة حيث تتشاركان مواجهة التحديات. وبدأت الشركات تبحث في بياناتنا عن الشركات الناشئة المناسبة لها وتمنحها القيمة التي تريدها. ونحن يقوم دورنا على وصل الجانبين مع بعضهما البعض.
رسالة إلى البيئة الحاضنة لريادة الأعمال في المنطقة العربية
سؤال: ما الذي يمكنك قوله بشأن البيئة الحاضنة لريادة الأعمال في المنطقة العربية؟
جواب: وجودي هنا في عمان رائع ومسابقة الشركات الناشئة العربية التي تنظّم منذ 11 عاماً بحد ذاتها تعني بأن الكثير يُبذل في هذه المنطقة. نحناج إلى التوقف عن التشبّه بنماذج كبيرة مثل أوروبا والولايات المتحدة والنظر إلى حاجاتنا. نحتاج أن نفهم ما هي مشاكلنا وأن نجد حلولاً مبتكرة لها عبر شركاتنا الناشئة المحلية. النصيحة الجيدة التي يمكن أن أقدمها للمنطقة العربية هي أن تحددوا مشاكلكم وتجدوا المواهب القادرة على حلّها وتقدّموا حلولاً مفصّلة على قياس البيئة المحلّية.